اضطرابات الأكل هي اضطرابات تتعلق بسلوكيات التغذية والأكل وتؤدي إلى إلحاق الضرر بالصحة الجسدية، كما يمكن لهذه السلوكيات غير الصحية أن تسيطر على حياة الفرد وتصيبه بالمرض. تتمحور اضطرابات الأكل أساسًا حول الخلل في نظرة الشخص لجسمه، وهذا يعني الإفراط في تناول الطعام أو الاكتفاء بتناول القليل جدًا منه، أو أن يصبح الشخص مهووسًا بوزنه وشكل جسمه. أمّا الأنواع الأكثر شيوعًا من اضطرابات الأكل فهي: فقدان الشهية العصبي، والشَرَه المرضي العصبي، واضطراب نهم الطعام (الشراهة)، واضطراب تناول الطعام التجنّبي/المقيّد. هذا وتتسبب اضطرابات الأكل في وفاة 10,200 شخصٍ سنويًا.
تختلف هذه الاضطرابات في طبيعتها وقد تؤدي التعقيدات المصاحبة لها إلى عدّة أعراض جسدية، منها فقدان الوزن أو زيادته، والإرهاق، والوهن، والحساسية للبرد، والإسهال، والسكتة القلبية، وترقق العظام، وسقوط الشعر، وانخفاض الرغبة الجنسية، والفشل في النمو، وغيرها الكثير.
تشير الأبحاث إلى ازدياد عام في انتشار اضطرابات الأكل حول العالم في ظل العديد من المفاهيم الخاطئة حول هذه الاضطرابات. وتجدر الإشارة إلى أنّ اضطرابات الأكل يمكن أن تؤثر في أي شخص، أيًا كان شكل جسمه أو حجمه، وهذا يعني أنّ الرياضيين قد يعانون هم أيضًا من اضطرابات الأكل.
وفي ما يلي بعض الإحصاءات حول انتشار اضطرابات الأكل:
فقدان الشهية العصبي (القمه العصبي)
يتجنب الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب تناول الطعام، ويتبعون نظامًا غذائيًا مقيّدًا للغاية، فقد يرى هؤلاء الأشخاص أنّهم يعانون من زيادة الوزن حتى لو كان الشخص منهم نحيلًا لدرجة خطيرة، ويُعدّ هذا النوع من الاضطرابات من بين أشدّ الاضطرابات النفسية خطورة، حيث أنّه يتسبب بأعلى عدد من الوفيات. وعلى الرغم من أنّ هذا الاضطراب يصيب الذكور والإناث على حد سواء، إلّا أنّه أكثر انتشارًا بين الإناث. تشمل أعراض هذا الاضطراب: انخفاض مؤشر كتلة الجسم (المعروف اختصارًا بـ BMI)، وتجنب تناول الطعام أو التقيّد بأنواع محددة من الأطعمة، وتناول مستحضرات لسد الشهية أو المُليّنات، والأعراض الجسدية المرتبطة بفقدان الوزن، وممارسة تمارين مُجهدة، وهناك أعراض تخص الإناث وهي عدم انتظام الدورة الشهرية وانقطاع الطمث.
تجدر الإشارة إلى أنّ الأسباب المؤدية لهذه الاضطرابات غير معروفة تحديدًا، إلّا أنّه يحتمل أن يصاب بها الأشخاص إذا كان لدى عائلاتهم سوابق في اضطرابات الأكل، وتعاطي المواد، والتركيز على عادات الأكل وصورة الجسد، وتدني احترام الذات، والاعتداء الجنسي، والقلق، والشخصية الوسواسية.
يحتاج الأشخاص المصابون باضطراب فقدان الشهية العصبي للمساعدة في أسرع وقت ممكن ليتمكنوا من التعافي، ولذا ينبغي عليهم أن يزوروا أخصائيًا نفسيًا يتمتع بخبرة في علاج هذا الاضطراب، وكذلك زيارة أخصائي في اضطرابات الأكل.
الشره المرضي العصبي (النهم العصبي)
يتعلق هذا الاضطراب بالأشخاص الذين يُصابون بنوبات من الأكل بشراهة والقيء، ما يعني أنّ هؤلاء الأشخاص يتناولون كمية كبيرة من الطعام خلال وقت قصير، ومن ثم يتبعون أساليب مختلفة للتخلص من هذا الطعام عن طريق تقيؤه أو باستخدام المُليّنات، ويفعلون ذلك لتجنب زيادة الوزن. وعلى النقيض من اضطراب فقدان الشهية، يكون الشخص المصاب بالنهم العصبي واعيًا بأنّه يعاني من أنماط أكل غير طبيعية، ويشيع هذا الاضطراب بين الفتيات في سن المراهقة والشابات، إلّا أنّه لا يقتصر على هاتين الفئتين، بل يصيب كلًا من الذكور والإناث على السواء.
تشمل أعراض هذا الاضطراب الإصابة بنوبات عديدة خلال اليوم ولعدة أشهر، حيث يقوم الشخص الذي يعاني منه بتناول الطعام عادةً وهو مختبئ، ويشعر بفقدان سيطرة تام أمام الطعام، كما يجبر الشخص نفسه على التقيّؤ، ويصبح معرّضًا للإصابة بمشاكل في العظام (الهشاشة)، ومشاكل القلب والكلى، وعدم انتظام الدورة الشهرية أو انقطاعها، ورائحة الفم الكريهة، وتدهور حالة الأسنان، وممارسة التمارين بشكل مفرط، وتناول المليّنات، واستخدام الحقن الشرجية، والذهاب إلى الحمام عادةً بعد تناول الوجبات. كما يعاني بعض الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب من تغيّرات حادة في المزاج، والخوف من زيادة الوزن.
عادةً ما يكون علاج هذا الاضطراب صعبًا، حيث لا تتضح الإصابة به بما أنّ الشخص المصاب يتناول الطعام بشراهة في السر معظم الأوقات. ولكن وبأية حال، لا بدّ من اصطحاب الشخص المصاب إلى أخصائي في اضطرابات الأكل، وكذلك زيارة أخصائي صحة نفسية.
اضطراب نهم الطعام (الشراهة)
يتشابه هذا الاضطراب مع اضطراب الشره المرضي العصبي، إلّا أنّ المصاب به لا يتقيأ الطعام. ويتعلق هذا الاضطراب بشكل رئيسي بأكل كميات كبيرة من الطعام خلال فترة قصيرة، بطريقة لا يسيطر فيها الشخص على نفسه. ويشعر الشخص بالشبع بطريقة غير مريحة، ويأكل دون جوع، ويتناول الطعام خفيةً أو وحيدًا، ويشعر بالاكتئاب أو تأنيب الضمير بعد الأكل بشراهة، ويعتبر هذا الاضطراب في الأكل الأكثر شيوعًا في الولايات المتحدة.
لا تزال الأسباب التي تؤدي إلى هذا الاضطراب غير معروفة، إلّا أنّه يُحتمل الإصابة به إذا كان لدى العائلة سوابق في اضطرابات الأكل أو الاكتئاب أو الإدمان على الكحول، ووجود مشاكل تتعلق بصورة الجسد، وتدني تقدير الذات، والاعتداء الجنسي، والقلق.
وهذا يعني أنّ على الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب اللجوء إلى أخصائي صحة نفسية وكذلك أخصائي في اضطرابات الأكل.
كما ذكرنا، لا تزال الأسباب التي تؤدي إلى هذا الاضطراب غير معروفة، إلّا أنّه يشبه الاضطرابات الأخرى من حيث وجود عوامل خطر مرتبطة باضطرابات الأكل، مثل:
يستند تشخيص اضطرابات الأكل إلى العلامات والأعراض وعادات الأكل لدى الشخص، وهناك عدّة اختبارات عمومًا للقيام بذلك، منها:
نظرًا إلى اختلاف طبيعة الأنواع الفرعية للاضطراب، ثمّة أساليب مختلفة يمكن اتباعها للتعامل مع اضطرابات الأكل، منها:
العلاج النفسي: تختلف الأساليب المتبعة في العلاج النفسي التي يمكن أن تكون مفيدة للشخص الذي يعاني من اضطرابات الأكل. وتختلف النُهج الناجعة باختلاف الأشخاص، ما يجعل عملية إيجاد النَهج والمعالِج المناسبَين أمرًا صعبًا في البداية. وقد يؤدي ذلك ببعض الأشخاص إلى اللجوء إلى المعالِج أو التقنية غير المناسبة، وربما انتهى بهم الأمر إلى التوقف تمامًا عن متابعة العلاج. ولكن علينا ألا ننسى أن العلاج ليس عبارة عن «وصفة موحَّدة للجميع»، وأنّ بعض الحالات قد تحتاج إلى تجربة نُهج مختلفة أحيانًا لتحديد الأنسب لها بمساعدة أخصائي متمرّس في الصحة النفسية. وتشمل أنواع العلاج ما يلي:
الأدوية:
ثمّة فئات مختلفة من الأدوية التي يمكن أن تكون فعّالة في علاج اضطرابات الأكل، وينبغي الامتناع عن تناول أي نوع من الأدوية بدون إشراف أحد مقدّمي خدمات الصحة النفسية المتمرّسين. وعند تناول الدواء، يجب الحرص على اتباع التوجيهات بدقة والالتزام بالجرعات المحدّدة. وتحقق أدوية اضطرابات الأكل أفضل النتائج حين تترافق مع العلاج الملائم والمصمَّم بحسب احتياجات الشخص المصاب، وتتنوّع الأدوية المستخدمة لعلاج هذه الاضطرابات، مثل:
مضادات الاكتئاب: تشمل أي نوع من الأدوية التي تساعد في التخفيف من أعراض الاكتئاب والقلق وغيرها من الحالات. وتهدف إلى تصحيح أي اختلالات كيميائية على مستوى الدماغ تُعدّ مسؤولة عن ضبط المزاج . تختلف طريقة عمل الأدوية من فئة إلى أخرى، وتتفاوت فعاليتها بحسب الشخص وعمره وكيفية تفاعله مع الدواء والأدوية المتاحة له. وكما هو الحال بالنسبة إلى الأدوية على اختلاف أنواعها، لا يوجد دواء مضاد للاكتئاب من دون أعراض جانبية، ما يستدعي مناقشة هذه الأعراض مع مقدم خدمات الصحة النفسية بغية التخفيف منها. وتجدر الإشارة إلى أن تناول مضادات الاكتئاب يترافق مع خطر تعاطيها والإدمان عليها في حال أسيء استخدامها.
النظام الغذائي ونمط الحياة الصحي: تشير الأبحاث إلى أن الالتزام بنظام غذائي صحي، والحصول على قسط كافٍ من النوم، والمواظبة على ممارسة الرياضة، كلها عوامل تلعب دورًا كبيرًا في التخفيف من الأعراض وتحسين جودة الحياة عمومًا
مجموعات الدعم: هي مجموعة أشخاص يعانون من حالات نفسية مشتركة ويمكنهم تبادل المواساة والنصح بحكم مرورهم بتجارب متشابهة. يمكن أن تنعقد هذه المجموعات بقيادة أخصائي في الصحة النفسية أو بدونه. وقد أظهرت الأبحاث أن هذه المجموعات يمكن أن تمنح أعضاءها هدفًا مشتركًا، ما ينتج عنه العديد من الفوائد للمصابين بالاضطرابات، مثل:
الخروج من الشعور بالوحدة الناتج عن حالة نفسية معيّنة
القدرة على التحدث علنًا وبصدق
السيطرة على المشاعر
مساعدة الآخرين في تجاربهم، وبالتالي مساعدة النفس أيضًا.
تقنيات مساعدة الذات: تتوفر الكثير من تقنيات مساعدة الذات، ويمكن لأي شخص تجربتها، حيث قد تساعده في التعامل مع الأعراض التي يعاني منها.
جمعية الشرق الأوسط لاضطرابات الأكل - https://www.meeda.me/ - منظمة غير ربحية تركّز على رفع الوعي، وتقديم دعم يستند إلى الأدلة والأبحاث والأعمال التعاونية
خط المساعدة الوطني لدعم المصابين باضطرابات الأكل - https://www.crisistextline.org/ - خط اتصال مخصص للأزمات عبر تطبيق واتساب للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل